لفظ اليتيم .... أ.د. عامر مهيدي صالح

    اليتيم من الناس : من مات أبواه أو مات أبوه قبل بلوغه ، سواء كان ذكرا أم أنثى بلا خلاف ، وإن كانت أمه موجودة فهو ‌يتيم ، وهو كذلك في كلام العرب ، قال أبو الحكيم المري ، وهو جاهلي ، في اليتيم إذا مات أبوه:

مَخافَةَ أَن يغتالَني المَوتُ قَبلَهُ       فَيَغشى بُيوتَ الحَيِّ وَهوَ يَتيمُ

وقال قيس بن ذريح في من مات أبواه :

إِلى اللَهِ أَشكو فَقدَ لُبنى كَما شَكا       إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ

أما ‌من ‌ماتت ‌أمه قبل بلوغه ، فليس بيتيم لا شرعا ولا لغة في المشهور ، إنما هو العجيُّ خلافًا للعامة، فهم من قديمٍ يسمون من مات أبوه أو أمه يتيما ، ولا ينظرون في البلوغ ...فمن ‌ماتت ‌أمه وأبوه موجود فالمشهور الراجح أنه ليس بيتيم ، لكن قيل بخلاف ذلك ، فقد نقل الماوردي قولَ ابن أبي هريرة في كتاب الحجر من تعليقه : فأما إذا لم يكن له أم وكان له أب فعلى وجهين : أحدهما أنه يتيم ، وهو على القول الذي يقول : إن الأم تلي أمر ابنها .

وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى أن كفالة اليتيم تصدق على الأب إذا قام مقام الأمفي التربية عند فقدها ، ولعل ذلك يرجع لوجهٍ من وجوه تفسير لفظ ( كافل اليتيم ) في حديث الموطأ ( أنا ‌وكافل ‌اليتيم ، ‌له أو لغيره ، في الجنة كهاتين ) بزيادة ( له أو لغيره ) وهي زيادة صحيحة في الحديث ، فقد اختلف في معنى ( له ) ؛ لأن الهاء بالتذكير تعود على ( كافل اليتيم ) ، لذلك فسّرت على وجهٍ عند بعض العلماء كما هو عند ابن حجر والزرقاني : ( أو ‌ماتت ‌أمه فقام أبوه في التربية مقامها ) ، وقال ابن هبيرة في الإفصاح : ( يعني بقوله ( له ) إذا كان له ولد وقد ماتت أمه فخلفها عليه في لزامها له وحنوها وصبرها على تحرمه واحتمال تعنته ) وقال ابن علان : ( وفي شمول الخبر للأخيرة ما لا يخفى إلا إن كان بطريق القياس على ما تضمنه الخبر إذ ما فيه ليس بيتيم والله أعلم )

والوجه الأشهر في تفسيرها: ( ( له ) بأن يكون جدا أو عما أو أخا أو نحو ذلك من الأقارب، أو يكون أبو المولود قد مات فتقوم أمه مقامه .... ) ، وقد يشعر قول ابن المعتز بمثل ذلك :

أَغرى بِقُبلَتِهِ كَما       يَغرى بِمُرضِعَةٍ يَتيمُ

فقد يحمل البيت على من فقد أمّه فتولع بمرضعةٍ ، إذ لا معنى لذكر يتمه مع تولعه بالمرضعه عند وجود أمه ، إلا أنه قد ينقض باحتمال كونه يتيم الأبوين فيصح إطلاق اليتم عليه لموت أبيه ، لا لموت أمه .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علاقة الغناء بالتجديد في أوزان الشعر العربي

طبعات العقد الفريد